أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيلاً مِنْ تَدَانِينَا،
أَلاَ وَ قَدْ حَانَ صُبْحُ البَينِ، صِبَّحَنَا
مَنْ مُبْلِغُ المُلْبِسِينَا، بِانْتِزَاحِهُمُ،
أَنَّ الزَّمَانَ الذِي مَازَالَ يُضْحِكُنَا،
غَيظَ العِدَا مِنْ تَسَاقِينَا الهَوَى فَدَعَوا
فَانْحَلّ مَا كَانَ مَعْقُوداً بِأَنْفُسِنَا؛
وَ قَدْ نَكُونُ، وَ مَا يُخْشَى تَفَرُّقُنَا
يَا لَيتَ شِعْرِي، وَ لَمْ نَعْتِبْ أَعَادِيِكُمْ،
لَمْ نَعْتَقِدْ بَعْدَكُمْ إٍلاَّ الوَفَاء َلَكُمْ
مَا حَقُّنَا أَنْ تُقِرُّوا عَينَ ذِي حَسَدٍ
كُنَّا نَرَى اليَأْسَ تُسْلِينَا عَوَارِضُهُ
بِنْتُمْ وَ بِنَّا، فَما ابْتَلَّتْ جَوانِحُنَا
نَكَادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمَائِرُنَا،
حَالَتْ لِفَقْدِكُمُ أَيَّامُنَا فَغَدَتْ
إِذْ جَانِبُ العَيشِ طَلْقُ مِنْ تأَلُّفِنَا،
و إِذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دَانِيَةً
لِيُسْقَ عَهْدُكُمُ عُهْدُ السُّرُورِ فَمَا
لا تَحْسَبُوا بُعْدَكُمْ عَنَّا يُغَيِّرُنَا
وَ اللهِ مَا طَلَبَتْ أَهْوَاؤُنَا بَدَلاً
يَا سَارِيَ البَرْقِ غَادِ القَصْرَ وَ اسْقِِ بِهِ
وَ اسْأَلْ هُنَالِكَ : هًلْ عَنّى تُذَكِّرُنَا
وَ يَا نَسِيمَ الصِّبَا بَلِّغْ تَحِيتَّنَاَ
فَهَلْ أَرَى الدَّهْرَ يَقْضِينَا مُسَاعَفَةً
رَبِيبَ مُلْكٍ، كَأَنَّ اللهَ أَنْشَأَهُ
أَو صَاغَهُ وَرَقاً مَحْضًا، وَ تَوَّجَهُ
إِذَا تَأَوَّدَ آَدْتَهُ، رَفَاهِيَةً،
كَاَنْت لَهُ الشَّمْسُ ظِئْرًا فِي أَكِلَّتِهِ،
كَأَنَّمَا أُثْبِتَتْ، فِي صَحْنِ وَجْنَتِهِ،
مَا ضِرّ أَنْ لَمْ نَكُنْ أَكْفَاءهُ شَرَفًا،
يَا رَوضَةً طَالَمَا أَجْنَتْ لَوَاحِظَنَا
وَ يَا حَيَاةً تَمَلَّينَا، بِزَهْرَتِهَا،
و يَا نَعِيمًا خَطَرْنَا، مِنْ غَضَارَتِهِ،
لَسْنَا نُسَمِّيكَ إِجْلاًلاَ وَ تَكْرُمَةً ؛
إِذَا انْفَرَدْتِ وَ مَا شُورِكْتِ فِي صِفَةٍ ؛
يَا جَنَّةَ الخُلْدِ أُبْدِ لَناَ، بِسِدْرَتِها
كَأَنَّنَا لَمْ نَبِتْ، وَ الوَصْلُ ثَالِثُنَا،
إِنْ كَانَ قَدْ عَزَّ فِي الدُّنَيَا اللِّقَاءُ بِكُمْ
سِرَّانِ فِي خَاطِرِ الظَّلْمَاءِ يَكْتُمُنَا،
لاَ غَرْوَ فِي أَنْ ذَكَرْنَا الحُزْنَ حِيِنَ نَهَتْ
إِنَّا قَرَأْنَا الأَسَى، يَومَ النَّوَى سُوَرًا
أَمَّا هَوَاكِ، فَلَمْ نَعِدِلْ بِمَنْهَلِهِ
لَمْ نَجْفُ أُفْقَ جَمَالٍ أَنْتَ كَوْكَبُهُ
وَ لاَ اخْتِيَارًا تَجَنَّبْنَاهُ عَنْ كَثَبٍ
نَأْسَى عَلَيكَ إِذَا حُشّتْ، مُشَعْشَعَةً،
لاَ أَكْؤس الرَّاِح تُبْدِي مِنْ شَمَائِلِنَا
دُومِي عَلَى العَهْدِ، مَا دُمْنَا، مُحَافِظَةً،
فَمَا اسْتَعَضْنَا خَلِيلاً مِنْكَ يَحْبِسُنَا
وَ لَو صَبَا نَحْوَنَا، مِنْ عُلُوّ مَطْلَعِهِ،
أَبْكَى وَفَاءً، وَ إِنْ لَمْ تَبْذُلِي صِلَةً،
وَ فِي الجَوَابِ مَتَاعٌ إِنْ شَفَعْتَ بِهِ
عَلَيكِ مِنَّا سَلاَمُ اللهِ مَا بَقِيَتْ
وَ نَابَ عَنْ طِيبِ لُقْيَانَا تَجَافِينَا
حَينٌ، فَقَامَ بِهِ لِلْحَينِ نَاعِينَا
حُزْنًا، مَعَ الدَّهْرِ لاَ يَبْلَى وَ يُبْلِينَا
أنُسْاً بِقُرْبِهُمُ، قَدْ عَادَ يُبْكِيَنا
بِأَنْ نَغَضُّ، فَقَالَ الدَّهْرُ آَمِينَا
وَ اْنِبَّت مَا كَانَ مَوصُولاً بِأَيدِينَا
فَاليَومَ نَحْنُ، وَ مَا يُرْجَى تَلاَقِينَا
هَلْ نَالَ حَظُّا مِنَ العُتْبَى أَعَادِينَا
رَأْيًا، وَ لَمْ نَتَقَلَّدْ غَيرَهُ دِينَا
بِنَا، وَ لاَ أَنْ تَسُرُّوا كَاشِحًا فِينَا
وَ قَدْ يَئِسْنَا فَمَا لِلْيَأْسِ يُغْرِينَا
شَوقًا إِلَيكُمْ، وَ لاَ جَفَّتْ مَآَقِينَا
يَقْضِي عَلَينَا الأَسَى لَولاَ تَأَسِّينَا
سَودًا، وَ كَانَتْ بِكُمْ بِيضًا لَيَالِينَا
وَ مَرْبَعِ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا
قِطَافُهَا، فَجَنَينَا مِنْهُ مَا شِينَا
كُنْتُمْ لأِرْوَاحِنَا إِلاَّ رَيَاحِينَا
أَنْ طَالَمَا غَيَّرَ النَّأْيُ المُحِبِّيَنا
مِنْكُمْ، وَ لاَ انْصَرَفَتْ عَنْكُمْ أَمَانِينَا
مَنْ كَانَ صَرْفَ الهَوَى وَ الوُدُّ يَسْقِينَا
إِلْفًا، تَذَكُّرُهُ أَمْسَى يُعَنِّينَا ؟
مَنْ لَو عَلَى البُعْدِ حَيًّا كَانَ يُحْيِيَنا
مِنْهُ، وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ غِبًّا تَقَاضِينَا
مِسْكًا، وَ قَدَّرَ إِنْشَاءَ الوَرَى طِينَا
مِنْ نَاصِعِ التَّبْرِ إِبْدَاعًا وَ تَحْسِينَا
تُومُ العُقُودِ، وَ أَدْمَتْهُ البُرَى لِينَا
بَلْ مَا تَجَلَّى لَهَا إِلاَّ أَحَايِينَا
زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعْوِيذًا وَ تَزْيِينَا
وَ فِي المَوَدَّةِ كَافٍ مِنْ تَكَافِينَا
وَرْدًا جَلاَهُ الصِّبَا غُضًّا، وَ نَسْرِينًا
مِنِّي ضُرُوباً، وَ لِذَاتٍ أَفَانِينَا
فِي وَشيِ نُعْمَى، سحبَنا ذَيلَهُ حِينًا
وَ قَدْرُكَ المُعْتَلَى عَنْ ذَاكَ يُغْنِينَا
فَحَسْبُنَا الوَصْفُ إِيضَاحُا وَ تَبْيِنَا
وَ الكَوْثَرُ العَذْبُ، زَقْومًا وَ غِسْلِينَا
وَ السَّعْدُ قَدْ غَضَّ مِنْ أَجْفَانِ وَاشِينَا
فِي مَوْقِف الحَشْرِ نَلْقَاكُمْ وَ تَلْقُونَا
حَتَّى يَكَادُ لِسَانُ الصُّبْحِ يُفْشِينَا
عَنْهُ النُّهَى، وَ تَرَكْنَا الصَّبْرَ نَاسِينَا
مَكْتُوبَةً، وَ أَخَذْنَا الصَّبْرَ تَلْقِينَا
شُرْبًا وَ إِنْ كَانَ يَرْوِينَا فَيُظْمِينَا
سَالِينَ عَنْهُ، وَ لَمْ نَهْجُرْهُ قَالِينَا
لَكِنَّ عَدَتنا، عَلَى كُرْهٍ، عَوَادِينَا
فِينَا الشُّمُولُ، وَ غَنَّاَنا مُغَنِّينَا
سِيمَا ارْتِيَاحٍ، وَ لاَ الأَوْتَارِ تُلْهِينَا
فَالحُرُّ مَنْ دَانَ إِنْصَافًا كَمَا دِينَا
و لاَ اسْتَفَدْنَا حَبِيبًا عَنْكَ يُثْنِينَا
بَدْرُ الدُّجَى لَمْ يَكُنْ حَاشَاكَ يَصْبِينَا
فَالطَّيفُ يقُنْعِنُاَ، وَ الذِّكْرُ يَكْفِينَا
بِيضَ الأَيَادِي، التِي مَازِلْتَ تُولِينَا
صَبَابَةٌ بِكَ نَخْفِيهَا، فَتَخُفِينَا