دَاءٌ أَلَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ دَوَائِي
يَا لِلْضَّعِيفَينِ ! اسْتَبَّدَا بِي وَ مَا
قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَ الجوَى
وَ الرُّوحَ بَينَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدِ
وَ العَقلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ
هَذَا الذِي أَبْقَيْتَهُ يَا مُنْيَتِي
عُمْرَينِ فِيكِ قَدْ أَضَعْتُ لَو أَنْصَفْتَنِي
عُمْرُ الفَتَى الفَانِي وَ عُمْرُ مُخَلَّدِ
فَغَدَوتُ لَمْ أَنْعَمْ كَذِي جَهْلٍ وَ لَمْ
يَا كَوْكَبًا مِنْ يَهْتَدِي بِضِيَائِهِ
يَا مَوْرِدًا يَسْقِي الوُرُودَ سَرَابُهُ
يَا زَهْرَةً تُحْيِي دَوَاعِي حُسْنِهَا
هَذَا عِتَابُكِ ، غَيرَ أَنِّي مُخْطِئٌ
حَاشَاكِ بَلْ كُتِبَ الشَّقَاءُ عَلَى الوَرَى
نِعْمَ الضَّلاَلَةَ حُيثُ تُؤْنِسُ مقُلْتَيِ
نعم الشقاء إذا رويت برشفة
نِعْمَ الحَيَاةَ إِذَا قَضَيتُ بِنَشْفَةٍ
إِنِّي أَقَمْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بِالمُنَى
إِنْ يَشْفِ هَذَا الجَسْمُ طِيبَ هَوَائِهِا
أَوْ يُمْسِكْ الحَوْبَاءَ حُسْنُ مَقَامِهَا
عَبَثٌ طَوَافِي فِي البِلاَدِ وَ عِلَّةٍ
مُتَفَرِّدٌ بَصَبَابَتِي ، مُتَفَرِّدٌ
شَاكٍ إِلَى البَحْرِ اضْطِرَابِ خَوَاطِرِي
ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمَّ وَ لَيتَ لِي
يَنْتَابُهَا مَوجٌ كَمَوجِ مَكَارِهِي
وَ البَحْرُ خَفَّاقُ الجَوَانِبِ ضَائِقٌ
تغْشَى البرِيَّةَ كَدْرَةٌ وَ كَأَنَّهَا
وَ الأَفْقُ مُعْتَكِرٌ قَرِيحٌ جَفْنُهُ
يَا لَلْغُرُوبِ وَ مَا بِهِ مِنْ عَبْرَةٍ
أَوَ لَيسَ نَزْعًا لِلْنَّهَارِ وَ صَرْعَةً
أَوَ لَيْسَ طَمْسًا لِلْيَقِينِ وَ مَبْعَثًا
أَوَ لَيْسَ مَحْوًا لَلْوُجُودِ إِلَى مَدَى
حَتَّى يَكُونَ النُّورُ تَجْدِيدًا لَهَا
وَ لَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَ النَّهَارُ مُوَدِّعٌ
وَ خَوَاطِرِي تَبْدُو تِجَاهَ نَوَاظِرِي
وَ الدَّمْعُ مِنْ جَفْنِي يَسِيلُ مُشَعْشَعًا
وَ الشَّمْسُ فِي شَفَقٍ يَسيلُ نُضَارُهُ
مَرَّتْ خِلاَلَ غَمَامَتَينِ تَحَدُّرَا
فَكَأَنَّ آَخِرَ دَمْعَةٍ لِلْكَونِ قَدْ
وَ كَأَنَّنِي آَنَسْتُ يَومِي زَائِلاً
مِنْ صَبْوَتِي ، فَتَضَاعَفَتْ بِرُحَائِي
فِي الظُلْمِ مِثْلَ تَحَكُّمِ الُّضَعَفاِء
وَ غَلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنَ الأَدْوَاءِ
فِي حَالَي التَّصْوِيبِ و الصَّعْدَاءِ
كَدَرِي وَ يُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائِي
مِنْ أُضْلُعِي وَ حَشَاشَتِي وَ ذَكَائِي
لَمْ يَجْدُرَا بِتَأَسُّفِي وَ بُكَائِي
بِبَيَانِهِ لولاَكِ فِي الأَحْبَاءِ
أَغْنُمْ كَذِي عَقْلٍ ضَمَانِ بَقَاءِ
يَهْدِيهِ طَالِعُ ضِلَّةٍ وَ رِيَاءِ
ظَمَأً إِلَى أَنْ يَهْلَكُوا بِظَمَاءِ
وَ تُمِيتُ نَاشِقَهَا بِلاَ إِرْعَاءِ
إِبْرَامُ سَعْدٍ فِي هَوَى حَسْنَاءِ
وَ الحُبُّ لَمْ يَبْرَحُ أَحَبَّ شَقَاءِ
أَنْوَارُ تِلْكَ الطَّلْعَةِ الزَّهْرَاءِ
مَكْذُوبَةً مِنْ وَهْمِ ذاكَ الماءِ
مِنْ طِيبِ تِلْكَ الرَّوْضَةِ الغَنَّاءِ
فِي غُرْبَةٍ قَالُوا : تَكُونُ دَوَائِي
أَيُلَطِّفُ النِّيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ؟
هَلْ مَسْكَةٌ فِي البُعْدِ لِلْحَوبَاءِ؟
فِي عِلَّةٍ مَنْفَايَ لاِسْتِشْفَاءِ
بِكَآَبَتِي ، مُتَفَرِّدٌ بِعَنَائِي
فَيُجِيبُنِي بِرِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
قَلْبًا كًهِذيِ الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ
وَ يَفُتُّهَا كَالسُّقْمِ فِي أَعْضَائِي
كَمَدًا كَصَدْرِي سَاعَةَ الإِمْسَاءِ
صَعِدَتْ إِلَى عَينِيّ مِنْ أَحْشَائِي
يُغْضَى عَلَى الغَمَرَاتِ وَ الأَقْذَاءِ
لِلْمُسْتَهَامِ ! وَ عِبْرَةٍ لِلْرَائِي !!
لِلْشَمْسِ بَينَ مَآَتِمِ الأَضْوَاءِ
لِلْشَكِّ بَينَ غَلاَئِلِ الظَّلْمَاءِ ؟
وَ إِبَادَةً لِمَعَالِمِ الأَشْيَاءِ
وَ يَكُونَ شِبْهَ البَعْثِ عَودُ ذَكَاءِ
وَ الْقَلْبُ بَينَ مَهَابَةٍ وَ رَجَاءِ
كَلْمَي كَدَاِمَيٍة السَّحَابِ إِزَائِي
بِسَنَا الشُّعَاعِ الغَارِبِ المُتَرَائِي
فَوقَ العَقِيق عَلَى ذُرًى سَوْدَاءِ
وَ تَقَطَّرَتْ كَالدَّمْعَةِ الحَمْرَاءِ
مُزِجَتْ بِآَخِرِ أَدْمُعِي لِرِثَائِي
فَرَأَيتُ فِي الْمِرْآَةِ كَيفَ مَسَائِي