سَلاَمٌ عَلَى الإِسْلاَمِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ
عَلَى الدِّينِ وَ الدُّنْيَا ، عَلَى العَلْمِ وَ الحِجَا
لَقَدْ كُنْتُ أَخْشَى عاَدْي المَوتِ قَبْلَهُ
فَوَالَهَفِي - وَ القَبْرُ بَينِي وَ بَينَهُ -
وَقَفْتُ عَلَيهِ حَاسِرَ الرَّأْسِ خَاشِعًا
لَقْدَ جَهِلُوا قَدْرَ الإِمَامِ فَأًودَعُوا
وَ لَوْ ضَرَّحُوا بِالمَسْجِدَينِ لأَنَزْلُوا
تَبَارَكَتَ هَذَا الدِّينُ دُينُ مُحَمَّدٍ
تَبَارَكْتَ هَذَا عَالِمُ الشَّرْقِ قَدْ قَضَى
زَرَعَتْ لَنَا زَرْعًا فَأَخْرَجَ شَطْأَهُ
فَوَاهًا لَهُ أَلاَّ يُصِيبَ مُوَفَّفًا
مَدَدْنَا إِلَى الأَعْلاَمِ بَعْدَكَ رَاحَنَا
وَ جَالَتْ بِنَا تَبْغِي سُوَاكَ عُيُونُنَا
وَ آَذَوكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَ أَنْكَرُوا
رَأَيتَ الأَذَى فِي جانِبِ اللهِ لَذًّةً
لَقَدْ كُنْتَ فِيهِمْ كَوكَبًا فِي غَيَاهِبٍ
أَبَنْتَ لَنَا التَنْزِيلَ حُكْمًا وَ حِكْمَةً
وَ وَقَّفْتَ بَينَ الدِّينِ وَ العِلْمِ وَ الحِجَا
وَقَفْتَ لِـ( هَانُوتُو) وَ (رِينَانَ) وَقْفَةً
وَ خِفْتَ مَقَامَ اللهِ فِي كُلِّ مَوقِفِ
وَ كَمْ لَكَ فِي إِغْفَاءَةِ الفَجْرِ يَقْظَةٌ
وَ وَلَيَّتَ شَطْرَ البَيتِ وَجْهَكَ خَالِيًا
وَ كَمْ لَيلَةٍ عَانَدْتَ فِي جَوْفِهَا الكَرَى
وَ أَرْصَدْتَ لِلْبَاغِي عَلَى دِينِ أَحْمَدِ
إِذَا مِسَّ خَدَّ الطَّرْسِ فَاضَ جَبِينُهُ
كَأَنَّ قَرَارَ الكَهْرَبَاءِ بِشِقِّهِ
فَيَا سَنَةً مَرَّتْ بِأَعْوَادِ نَعْشِهِ
حَطَمْتِ لَنَا سَيفًا ، وَ عَطَّلْتِ مِنْبَرًا
وَ أَطْفَأْتِ نِبْرَاسًا وَ أَشْعَلْتِ أَنْفُسًا
رَأَى فِي لَيَالِيكَ المُنَجَّمِ مَا رَأَى
وَ نَبَّأَهُ عَلَى النُّجُومِ بِحَادِثٍ
رَمَى السَّرَطَانُ اللَّيثَ و اللَّيثُ خَادِرٌ
فَأًوْدًى بِهِ خَتْلاً فمَاَل إِلَى الثَرَى
وَ شَاعَتْ تَعَازِي الشُّهْبِ بَيْنَهَا
مَشَى نَعْشُهُ يَخْتَالُ عُجْبًا بِرَبِّهِ
تَكَادُ الدُّمُوعُ الجَارِيَاتُ تُقِلُّهُ
بَكَى الشَّرْقُ فَارْتَجًّتْ لَهُ الأَرْضُ رَجَّةً
فَفِي الهِنْدِ مَحْزُونٌ وَ فِي الصِّينِ جَازِعٌ
وَ فِي الشَّامِ مَفْجُوعٌ ، وَ فِي الفُرْسِ نَادِبُ
بَكَى عَالِمُ الإِسْلاَمِ عَالِمَ عَصْرِهِ
مَلاَذَ عَيَايِلٍ ثٍمَالَ أَرَامِلِ
فَلاَ تَنْصِبُوا لِلنَّاسِ تَمْثَالَ عَبْدِهِ
فإِنِّي لأَخْشَى أَنْ يَضْلُّوا فَيُوْمِئُوا
فَيَا وَيْحَ لَلْشُورَى إِذَا جَدَّ جَدُّهَا
وَ يَا وَيْحَ لَلْفُتْيَا إِذَا قِيلَ مِنْ لَهَا ؟
بَكِينَا عَلَى فَرْدٍ وَ إِنْ بُكَاءَنَا
تَعَهَّدَهَا فَضْلُ الإِمَامِ وَ حَاطَهَا
فَيَا مَنْزِلاً فِي عَينِ شَمْسٍ أَظَلَّنِي
دَعَائِمُهُ التَّقْوَى وَ آسَاسُهُ الهُدَى
عَلَيكَ سَلامُ اللهُ ، مَالَكَ مُوحِشًا
لَقَدْ كُنْتَ مَقْصُودَ الجَوَانِبِ آَهِلاً
مَثَابَةَ أَرْزَاقٍ ، وَ مَهْبِطَ حِكْمَةٍ
سَلاَمٌ عَلَى أَيَّامِهِ النَّضْرَاتِ
عَلَى البَرِّ وَ التَّقْوَى ، عَلَى الحَسَنَاتِ
فَأَصْبَحَتُ أَخْشَى أَنْ تَطُولَ حَيَاتِي
عَلَى نَظْرَةٍ مِنْ تِلْكُمُ النَّظَرَاتِ
كَأَنِّي حِيَالَ القَبْرِ فِي عَرَفَاتِ
تَجَالِيدَهُ فِي مُوحِشٍ بِفَلاَةِ
بِخَيرِ بِقَاعِ الأَرْضِ خَيرَ رُفَاتِ
أَيُتْرَكْ فِي الدُّنْيَا بِغَيرِ حُمَاةِ ؟
وَ لانَتْ قَنَاةُ الدِّينِ لِلْغَمَزَاتِ
وَ بِنْتَ وَ لَمَّا نَجْتَنِ الثَّمَرَاتِ
يُشَارِفُهُ وَ الأَرْضُ غيرُ مَواتِ
فَرُدَّتْ إِلَى أَعْطَافِنَا صَفِرَاتِ
فَعُدْنَ وَ آَثَرْنَ العمَى شَرِقَاتِ
مَكَانَكَ حَتَّى سَوَّدُوا الصَّفَحَاتِ
وَ رُحْتَ وَ لَمْ تَهْمُمْ لَهُ بِشَكَاةِ
وَ مَعْرِفَةٍ فِي أَنْفُسٍ نَكِرَاتِ
وَ فَرَّقْتَ بَينَ النُّورِ وَ الظُّلُمَاتِ
فَأَطْلَعْتَ نُورًا مِنْ ثَلاَثِ جِهَاتِ
أَمَدَّكَ فِيهَا الرُّوحَ بِالنَّفَحَاتِ
فَخَافَكَ أَهْلُ الشَّكِّ وَ النَّزَعَاتِ
نَفَضْتَ عَلَيهَا لَذَّةَ الهَجَعَاتِ
تُنَاجِي إِلَهَ البِيتِ فِي الخَلَوَاتِ
وَ نَبَّهْتَ فِيهَا صَادِقَ العَزَمَاتِ
شَبَاةَ يُرَاعِ سَاحِرِ النَّفَثَاتِ
بِأَسْطَارِ نُورٍ بَاهِرٍ اللَّمَعَاتِ
يُرِيكَ سَنَاهُ أَيْسَرُ اللَّمَسَاتِ
لأَنْتَ عَلَينَا أَشْأَمُ السَّنَوَاتِ
وَ أَذْوَيتَ رَوضًا نَاضِرَ الزَّهَرَاتِ
عَلَى جَمَرَاتِ الحُزْنِ مُنْطَوِيَاتِ
فَأَنْذَرَنَا بِالوَيلِ وَ العَثَرَاِت
تَبِيتُ لَهُ الأَبْرَاجُ مُضْطَرِبَاتِ
وَ رُبَّ ضَعِيفٍ نَافِذِ الرَّمَيَاتِ
وَ مَالَتْ لَهُ الأَجْرَامُ مُنْحَرِفَاتُ
عَنِ النَّيِّرِ الهَاوِي إِلَى الفَلَوَاتِ
وَ يَخْطُرُ بَينَ اللَّمْسِ وَ القُبُلاَتِ
وَ تَدْفَعُهُ الأَنْفَاسُ مُسْتَعِرَاتِ
وَ ضَاقَتْ عُيُونُ الكَونِ بِالعَبَرَاتِ
وَ فِي مِصْرَ بَاكٍ دَائِمِ الحَسَرَاتِ
وَ فِي تُونُسٍ مَا شِئْتَ مِنْ زَفَرَاتِ
سِرَاجَ الدَّيَاجِي هَادِمَ الشُّبُهَاتِ
غِيَاثَ ذَوِي عُدْمِ إِمَامَ هُدَاةِ
وَ إِنْ كَانَ ذِكْرَى حِكْمَةٍ وَ ثَبَاتِ
إِلَى نُورِ هَذَا الوَجْهِ بِالسَجَدَاتِ
وَ طَاشَتْ بِهَا الآَرَاءُ مُشْتَجِرَاتِ
وَ يَا وَيْحَ لِلْخَيرَاتِ وَ الصَّدَقَاتِ
عَلَى أَنْفُسٍ للهِ مُنْقَطِعَاتِ
بِإِحْسَانِهِ وَ الدَّهْرُ غَيرُ عُدَاتِي
وَ أَرْغَمُ حُسَّادِي وَ غَمَّ عُدَاتِي
وَ فِيهِ الأَيِادِي مَوْضِعَ اللَّبِنَاتِ
عَبُوسُ المَغَانِي مُقْفِرَ العَرَصَاتِ
تَطُوفَ بِكَ الآَمَالُ مُبْتَهِلاَتِ
وَ مَطْلَعَ أَنْوَارٍ ، وَ كَنْزَ عِظَاتِ