أَرَاكَ عَصيَّ الدَّمْعِ شِيمَتُكَ الصَّبْرُ
بَلَى ، أَنَا مُشْتَاقٌ وَ عِنْدِيَ لَوْعَةٌ
إِذَا اللَّيلُ أَضْوَانِي بَسَطْتُ يَدَ الهَوَى
تَكَادُ تُضِيءُ النَّار بَينَ جَوَانِحِي
مُعَلِّلَتِي بِالوَصْلِ وَ المَوتِ دُونَهَ
حَفَظْتُ وَ ضَيَّعْتُ المَوَدَّةَ بَينَنَا
وَ مَا هَذِهِ الأَيَّامُ إِلاَّ صَحَائِفُ
بِنَفْسِي مِنَ الغَادِيَن فِي الحَيِّ غَادَة
تَرُوغُ إِلَى الوَاشِينَ فِيَّ ، وَ إِنَّ لِي
بَدَوتُ وَ أَهْلِي حَاضِرُونَ ، لأَنَّنِي
وَ حَارَبْتُ قَوْمِي فِي هَوَاكِ ، وَ إِنَّهُمْ
فَإِنْ يَكُ مَا قَالَ الوُشَاةُ وَ لَمْ يَكُنْ
وَفَيتُ وَ فِي بَعْضِ الوَفَاءِ مَذَلَّةٌ
وَقَورٌ ، وَ رَيْعَانُ الصِّبَا يَسْتَفِزُّهَا
تسَائِلَنِي : مَنْ أَنْتَ ؟ وَ هِي عَلِيمَةٌ
فَقُلْتُ لَهَا : لَوْ شِئْتِ لَمْ تَتَعَنَّتِي
فَقَالِتْ : لَقَدْ أَزْرَى بِكَ الدَّهْرُ بَعْدَنَا
وَ مَا كانَ لِلأَحْزَانِ لَولاَكِ مَسْلَكٌ
وَ تَهْلَكُ بَينَ الهَزْلِ وَ الجَدِّ مَهْجَةٌ
فَأَيْقَنْتُ أَنْ لاَ عَزَّ بَعْدِي لِعَاشِقٍ
وَ قَلَّبْتُ أَمْرِي لاَ أَرَى لِي رَاحَةً
فعدت إلى حكم الزمان و حكمها
فَلاَ تُنْكِرِينِي يَا ابْنَ العَمِّ ، إِنَّهُ
وَ لاَ تُنْكِرِينِي إِنَّنِي غَيرُ مُنْكَرٍ
وَ إِنِّي لَجرَّارٌ لِكُلِّ كَتِيبَةٌ
وَ إِنِّي لَنزَّالٌ بِكُلِّ مَخُوفَةٍ
فَاظْمِأُ حَتَّى تَرْتَوِي البِيضُ وَ القَنَا
وَ لاَ أَصْبَحَ الحَيُّ الخلُوفُ بِغَارَةٍ
وَ يَا رُبَّ دَارٍ لَمْ تُخِفْنِي مَنِيعَةٌ
وَ حيٍّ رَدَدْتُ الخَيلَ حَتَّى مَلَكْتُهُ
وَ سَاحِبَة الأَذْيَالِ نَحْوِي لَقيتُهَا
وَ هَبِتُ لَهَا مَا حَازَهُ الجَيشُ كُلُّهَ
وَ لاَحَ يُطْغِينِي بِأَثْوَابِهِ الغنى
وَ مَا حَاجَتِي بِالمَالِ أَبْغِي وَفُورَهُ
أَسَرْتُ وَ مَا صَحْبِي بِعُزلٍ لَدَى الوَغَى
وَ لَكِنَّ إِذَا حُمّ القَضَاءُ عَلَى امْرِئٍ
وَ قَالَ أصيحَابِي : الفِرَار أَوِ الرَدَى ؟
وَ لَكِنَّنِي أَمْضِي لِمَا لاَ يَعْيِنَنِي
لِي بَعْثُ السَّلاَمَةِ بِالَرَدَى
وَ هَلْ يَتَجَافَى عَنِّي المَوتُ سَاعَةً
هُوَ المَوتُ فَاخْتَرْ مَا عَلاَ لَكَ ذِكْرُهُ
وَ لاَ خَيرَ فِي دَفْعِ الرَّدَى بِمَذَلَّةٍ
يَمَنُّونَ أَنْ خَلُّوا ثِيَابِي ، وَ إِنَّمَا
وَ قَائِمُ سَيفٍ فِيهُمُو انْدَقَّ نَصْلُهُ
سَيَذْكُرُنِي قَومِي إِذَا جَدَّ جَدُّهُمْ
فَإِنْ عِشْتَ ، فَالطّعْنُ الذِي يَعْرِفُونَهُ
وَ إِنْ مِتُّ فَالإِنْسَانُ لاَبَدَّ مَيِّتٌ
وَ لَوْ سُدَّ غَيرِي مَا سَدَّدْتُ اكْتَفَوا بِهِ
وَ نَحْنُ أُنَاسٌ لاَ تَوُسُطَ بَينَنَا
تَهُونُ عَلَينَا فِي المَعَالِي نُفُوسُنَا
أَعَزُّ بَنِي الدُّنْيَا وَ أَعْلَى ذَوِي العُلاَ
أَمَا لِلْهَوَى نَهْيٌ عَلَيكَ و لاَ أَمْرُ
وَ لَكِنَّ مِثْلِى لاَ يُذَاعُ لَهُ سِرُّ
وَ أَذْلَلْتُ دَمْعًا مِنْ خَلاَئِقِهِ الكِبْرُ
إِذَا هِي أَذْكَتْهَا الصَّبَابَة و الفِكرُ
إِذَا بِتُّ ظَمْآنًا فَلاَ نَزَلَ القَطْرُ
وَ أحْسَنُ مِنْ بَعْضِ الوَفَاءِ لَك الغَدْرُ
لأَحْرُفِهَا ، مِنْ كَفِّ كَاتِبِهَا ، بِشرُ
هَوَايَ لَهَا ذَنْبٌ ، و بَهْجَتِهَا عُذْرُ
لأِذْنَابِهَا عَنْ كُلِّ وَاشِيَةٍ ، وَقْرُ
أرى أن دارا لست من أهلها قفر
و إياي ، لولا حبك ، الماء و الخمر
فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر
لإنسانة في الحي شيمتها الغدر
فتأرن أحيانا كما أرن المهر
و هل بفتى مثلي على حاله نكر
و لم تسألي عني ، و عندك بي خبر
فقلت : معاذ الله بل أنت لا الدهر
إِلَى القَلْبِ ، لَكِنَّ الهَوَى لِلْبِلَى جِسْرُ
إِذَا مَا عَداهَا البَينُ عَذَّبَهَا الهَجْرُ
وَ أَنَّ يَدِي مِمَّا عَلَقْتُ بِهَ صفرُ
إِذَا البَينُ أَنْسَانِي أَلَحَّ بِي الهَجْرُ
لَهَا الذَّنْبُ لاَ تُجْزِي بِهِ وَ لِيَ العُذْرُ
لِيَعْرِف مِنْ أَنْكَرْته البَدْوُ وَ الحَضَرُ
إِذْ زَلَّتِ الأَقْدَامُ ، وَ اسْتَنْزَلَ الذَّعْرُ
مُعوّدٍِ أَنْ لاَ يخلّ بِهَا النَّصْرُ
كَثِير إِلَى نزّالِهَا النَّظر الشزْرُ
وَ أَسْغبُ حَتَّى يَشْبَعَ الذِئْبُ وَ النِّسْرُ
وَ لاَ الجَيش ، مَا لَمْ تَأْتِهِ قَبْلِي النُّذْرُ
طَلَعْتُ عَلَيْهَا بِالْرَدَى أَنَا وَ الفَجْرُ
هَزِيمًا ، وَ رَدَّتْنِي البَرَاقُعُ وَ الخُمْرُ
فَلَمْ يَلْقَهَا جَافِي اللِّقَاءِ وَ لاَ وَعْرُ
وَ رُحْتُ وَ لَمْ يَكْشِفْ لأَبَيْاَتِهِا ستْرُ
وَ لاَ بَاتَ يُثْنِينِي عَنِ الكَرَمِ الفَقْرُ
إِذَا لَمْ أَصُنْ عِرْضِي فَلاَ وَفَّرَ الوَفْرُ
وَ لاَ فَرَسِي مَهْرٌ وَ لاَ رَبُّهُ غِمْرُ
فَلَيسَ لَهُ بَرٌّ يَقِيهِ وَ لاَ بَحْرُ
فَقُلْتُ : هُمَا أمْرَانِ أَحْلاَهُمَا مُرُّ
وَ حُسْبُكَ مِنْ أَمْرَينِ خَيرُهُمَا الأَسْرُ
فَقُلْتُ : أَمَا وَ اللهِ ، مَا نَالَنِي خِسْرُ
إِذَا مَا تَجَافَى عَنِ الأَسْرِ وَ الضُّرُ ؟
فَلَمِ يَمُتِ الإِنْسَانُ مَا حَييَ الذِّكْرُ
كَمَا رَدَّهَا يَومًا بِسُوءَتِهِ عَمْرُو
عَليّ ثِيَابٌ مِنْ دِمَائِهُمُو حُمْرُ
وَ أَعْقَابُ رِمْحِ فِيهِ قَدْ حَطَّمَ الصَّدْرُ
وَ فِي الْلَّيلَةِ الظَّلْمَاءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ
وَ تِلْكَ القَنَا وَ البِيضُ وَ الضَّمَّرُ الشَّقْرُ
وَ إِنْ طَالَتِ الأَيَّامُ وَ انْفَسَحَ العُمْرُ
وَ مَا كَانَ يَغْلُو التَّبْرُ لَو نَفَقَ الصَّفْرُ
لَنَا الصَّدْرُ دُونَ العَالَمِينَ أَوِ القَبْرُ
وَ مَنْ يَخْطُبِ الحَسْنَاءَ لَمْ يُغْلِهَا المَهْرُ
وَ أَكْرَمُ مَنْ فَوقَ التُّرَابِ وَ لاَ فخْرُ