قال أبو عبادة البحتري: يصف إيوان كسرى:

1) صُنْتُ نَفْسِي عَمَّا يُدَنِّسُ نَفْسِي وَتَرَفَّعْتُ عن جَدَا كل جِبْسِ
2) وتماسَكْتُ حين زَعْزَعَنِيَ الدَّهـ رُ التماساً منه لتَعْسِي ونَكْسِي
3) بَلَغٌ من صُبَابَةِ العَيْشِ عندي طَفَّفَتْها الأيامُ تَطْفِيْفَ بَخْسِ
4) وبَعِيْدٌ ما بينَ وَارِدِ رِفْهِ عَلَلٍ شُرْبُهُ وواردِ خِمْسِ
5) وكأَنَّ الزمانَ أَصْبَحَ محمو لاً هَوَاهُ مع الأَخَسِّ الأَخَسِّ
6) واشترائي العِراقَ خُطَّةُ غَبْنٍ بعد بيعي الشآمَ بَيْعَةَ وَكْسِ
7) لاَ تُرزْنِي مُزَاوِلاً لاختبارِي بعد هَذِي البَلْوَى فتنكرَ مَسِّي
وقديما عَهِدْتَنِيُ ذا هَنَاتٍ آبياتٍ على الدَّنِيَّاتِ شُمْسِ
9) ولقد رابني بنوُّ ابنٌ عَمِّي بعد لِيْنٍ من جانبيهِ وأُنْسِ
10) وإذا ما جُفِتْتُ كنت جَدِيْراً أن أُرى غيرَ مُصْبِحٍ حَيْثُ أُمْسِي
11) حَضَرَتْ رَحِليَ الهمومُ فوجّهْـ تُ إلى أبيضِ المدائِن عَنْسِي
12) أتسلى عن الخُظوظِ وآسى لمَحَلٌ من آلِ سَاسَانَ دَرْسِ
13) أذكر تنيِهمُ الخطوبُ التوالِي ولقد تُذْكِرُ الخطوبُ وتُنْسِي
14) وهم خَافِضُون في ظِلِّ عَالٍ مُشْرِفٍ يُحْسِرُ العُيُونَ ويُخْسِي
15) مغلقٍ بَابُهُ على جَبَلِ القَبْـ ـقِ إِلى دَارَتَيْ خِلاَطٍ ومُكْس
16) حِلَلٌ لم تكن كأَطْلاَلِ سُعْدَي في قِفَارٍ من البَسَابِسِ مُلْس
17) ومَسَاعٍ لولا المُحَايَاةُ مِنِّي لم تُطِقْهَا مَسْعَاةُ عَنْسِ وعَبْسِ
18) نَقَل الدَّهْرُ عَهْدَهُنَّ عن الجِدَّ ةِ حَتَى رَجَعْنَ أَنْضَاءَ لُبْس
19) فكأن "الجِرْمَازَ" من عَدَمِ الأُنْـ سِ وإِخلاله بَنِيَّةُ رَمْسِ
20) لو تراهُ عَلِمْتَ أَنَّ الليالِي جَعَلَتْ فيه مَأْتَماً بَعْدَ عُرْس
21) وهو يُنْبِيْكَ عن عَجَائِبِ قَوْمٍ لا يُشَابُ البَيَانُ فيهم بلَبْس
22) وإذا ما رأيت صورةَ أَنْطَا كِيَةَ ارتَعْتَ بين رُومٍ وفُرس
23) والمنايا مَوَاثِلٌ وأنوشِرْ وَانَ يُزْجِي الصُّفُوفَ تَحْتَ الدِّرَفْس
24) في اخضرارٍ مِن اللِّبَاسِ على أص فَرَ يَخْتَالَ في صَبِيْغَةِ وَرْس
25) وعِرَاكُ الرِّجِالِ بين يديه في خُفُوتٍ مِنْهُمْ وإغماسِ رَسِ
26) من مُشِيْح يَهْوي بعَامِلِ رُمْحٍ ومُلِيْحٍ من السِّنَانِ بتُرْسِ
27) تَصِفُ العَيْنُ أَنَّهمُ جِدُّ أحيا ءَ لَهُم بَيْنَهُم إشارةُ خُرْس
28) يغتَلِي فيهم ارتيابي حتى تَتَقَرَّاهُمْ يدايِ بِلَمْسِ
29) قد سَقَانِي ولَمْ يُصَرِّدْ أبو الغَوْ ثِ على العَسْكَرَيْنِ شَرْبَةَ خَلْسِ
30) مِنْ مُدَامٍ تَظُّنُّها وهيَ نَجْمٌ ضَوْءاً اللَّيل أو مُجَاجَةُ شَمْسِ
31) وتراها إذا أَجَدَّتْ سُرُورا وارتياحاً للشَّارِبِ المُتَحَسِّي
32) أُفْرِغَتْ في الزُّجَاجِ من كُلِّ قَلْبٍ فهي محبوبَةٌ إلى كل نفس
33) وتوهمت أن كسرى أبرو يز معاطى "والبلهبذ" أنسى
34) حُلُمٌ مُطْبِقٌ على الشَّكِ عَيْنِي أم أمانٍ غَيَّرْنَ ظنِّي وحَدْسِي؟
35) وكَأَنَّ الإيوانَ مِنْ عَجَبِ الصَّنْعَةِ جَوْبُ في جَنْبِ أَرْعَنَ جَلْسِ
36) يُتَظَنَّي من الكَآَبةِ إذا يب د ولعَيْنَيْ مُصْبِحٍ أو مُمَسّي
37) مُزْعجاً بالفِرَاقِ عن أُنْسِ إلف عَزّ أو مُرْهَقاً بتطليقِ عِرْسِ
38) عَكَسَتْ حَظَّهُ الليالي وبات ال مُشْتَري فيه وَهُوَ كَوْكَبُ نَحْسِ
39) فهو يُبْدِي تَجَلُّدا وعليه كَلْكَلٌ من كلاكل الدَّهرِ مُرْسي
40) لم يَعِبْهُ أنْ بُزَّمِنْ بُسُطِ الدِّيبَاجِ واستُلَّ من سُتُورِ الدِّمٌقْسِ
41) مُشْمَخِرٌ تعلو له شرفاتٌ رُفِعَتْ في رُءُوسِ رَضْوَى وقُدْس
42) لابِسَاتٌ من البَيَاضِ فما تُبصِّرُ منها إلا غَلاَئِلَ بُرْسِ
43) ليس يُدري أصُنعُ إنسٍ لجِنًّ سَكَنُوهُ أم صُنْعُ جِنِّ لإِنْسِ؟
44) غير أني أَرَاهُ يشهدُ أَنْ لَمْ يَكُ بانيه من المُلُوكِ بِنِكْس
45) فكأني أرى المراتب والقو مَ إذا ما بَلَغْتُ آخر حِسِّي
46) وكأن الوفودَ ضَاحِيْنَ حسري من وقوفٍ خَلْفَ الزَّحامِ وخَنْس
47) وكأن القِيَانَ وَسْطَ المقاصير يرجعن بين حُور وَلُعْس
48) وكأن اللقاءَ أَوَّلُ مِنْ أم س وَوَشْكَ الفِرَاقِ أَوَّلُ أَمْسِ
49) وكأن الذي يريد اتباعا طامعٌ في لُحُوقِهِم صُبْحَ خَمْسِ
50) عُمِّرَتْ للُّسرُورِ دَهْراً فصارت للتًَّعزِّي رِبَاعُهُم والتَّأَسِّي
51) فلها أَنْ أُعينَها بدموعٍ مُوْقَفَاتٍ على الصَّبَابَةِ حُبْس
52) ذاك عندي وليستَ الدارُ دَارِي باقترابٍ منها ولا الجِنْسُ جِنْسِي
53) غَيْرَ نُعْمَى لأَهْلها عند أَهْلِي غرسوا من زَكَائِها خيرَ غَرْسِ
54) أَيَّدُوا مُلْكَنَا وشَدُّوا قُوَاهُ بكُمَاةٍ تَحْتَ السُّنتُورِ حُمْسِ
55) وأعانوا على كتائب أَرْبَا طَ بِطَعْنٍ عَلَى النُّحوْرِ ودَعْسِ
56) وأرانيٌ من بعدُ أَكْلَفُ بالأَشْ رافِ طُراًّ من كُلِّ سِنْخِ وأُسِّ